الحرب العالمية الثانية( 1939 ـ 1945 )أســبابها ومراحلـها:
مقدمة :تعد نتائج الحرب العالمية الأولى وأزمة 1929 الاقتصادية أسبابا غير مباشرة لاندلاع الحرب العلمية الثانية، حيث ساهمت في قيام الأنظمة الديكتاتورية التي نهجت سياسة التوسع، مما أدى إلى التحالفات، فتشكلت دول المحور ودول الحلفاء. واندلعت الحرب في 1939، وبدأت بانتصارات سريعة لدول المحور، لكنها انتهت بانهزامها سنة 1945.
أدت مخلفات أزمة 1929 وتوسعات الأنظمة الديكتاتورية إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.
أدت مخلفات أزمة 1929 الاقتصادية إلى تخلي الدول الرأسمالية عن مبدأ التبادل الحر، ونهجت سياسة الحماية الجمركية. وبعد فشل المؤتمر الجمركي 1932 ومؤتمر لندن 1933، في حل المشاكل الاقتصادية، اصبحت الدول الرأسمالية تنقسم إلى: دول غنية لها 80 % من احتياطي العالم من الذهب وتملك المستعمرات. ودول أخرى تملك فقط 5 % من احتياطي الذهب وتفتقر إلى المستعمرات وهي الدول الديكتاتورية ( ألمانيا، إيطاليا، اليابان ). لذلك نهجت سياسة التوسع للحصول على المستعمرات والخروج من الأزمة.
1 ) التوسع الياباني في الشرق الأقصى والمحيط الهادي :
اتبعت اليابان في ظل الحكم العسكري سياسة التوسع للخروج من الأزمة. وبدأت باحتلال منشوريا في 1931 والتي تحتل فيها منطقة السكة الحديدية منذ 1905. وأعلنت استقلال منشورا في 1932 تحت إسم ماندشوكو، واحتلت مدينة شنغهاي. وفي 1933 انسحبت من عصبة الأمم واحتلت جيهول الصيني، ثم توغل جيشها في إقليم هوبي في 1935. ولم تجد اليابان أية مواجهة من حكومة تشان كاي شيك، بسب الانشغال بالصراع مع الشيوعيين الذين نظموا بقيادة ماو تسي تونغ، المسيرة الطويلة ما بين شهري أكتوبر 1934 ـ 1935، واسسوا قاعدة جديدة بإقليم شين سي. واستمر التوسع الياباني داخل الصين، ووقفت إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية إلى جانب اليابان، مما شجعه على التوسع في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي حتى اصطدم بمصالح الولايات المتحدة سنة 1941، والتي تدخلت لمواجهته.
2 ) توسع الديكتاتوريات الأوربية :
أ ) التوسع النازي :
انسحبت ألمانيا من عصبة الأمم في 1933. وبدأت تتخلص من شروط معاهدة فرساي وتنفذ برامجها العسكرية ( التسلح وإعادة الخدمة العسكرية )والتوسعية ( محاولة ضم النمسا). وواجهتها إيطاليا بعقد مؤتمر ستريسا stresa 1935 مع فرنسا وابريطانيا، لمعارضة التوسع الألماني، حيث لم يحصل بعد التقارب بين الديكتاتوريتين. لكن هتلر احتل منطقة الراين في7 مارس 1936 واعاد تسليحها. وعقد حلفا مع اليابان في 25 نونبر 1936 ضد الاتحاد السوفياتي.
ب ) التوسع الإيطالي :
اتجه الحكم الفاشي إلى التوسع في الحبشة، التي كانت العضو الإفريقي الوحيد في عصبة الأمم. واتخذت العصبة عقوبات ضد إيطاليا، والتي انسحبت منها في 1937، وبذلك انهارت جبهة ستريسا. وبدأ التقارب الألماني الإيطالي عندما اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية سنة 1936. وتم عقد محور روما ـ برلين في أكتوبر 1936، ثم انضمت إيطاليا إلى التحالف الألماني الياباني في يناير 1937، فتشكل حلف طوكيو روما برلين.
3 ) اندلعت الحرب نتيجة استمرار سياسة التوسع :
قامت ألمانيا بضم النمسا في 1938 لكونها تضم الجنس الآري، وذلك عن طريق التهديدات العسكرية. ونظم استفتاء في 10 أبريل ، كانت نتيجته لصالح الانضمام إلى المانيا، الذي عرف بالأنشلوس. وبعد ذلك توجه اهتمام ألمانيا إلى احتلال تشيكوسلوفاكيا التي تضم أقلية ألمانية بإقليم السوديت. واحتله هتلر في 1938. واعترفت له بذلك إيطاليا وفرنسا وابريطانيا في مؤتمر ميونيخ 29 ـ 30 شتنبر 1938، مما شجعه على الاستمرار في احتلال تشيكوسلوفاكيا في مارس 1939. ونهجت إيطاليا نفس السياسة حيث احتلت ألبانيا في 7 أبريل 1939. وعقدت الدولتان حلف الصلب في ماي 1939.
ودفعت هذه الأحداث فرنسا وابريطانيا إلى إعادة النظر في سياستهما الخارجية، فعقدت ابريطانيا حلفا مع بولونيا في 25 غشت 1939. وحاولت مع فرنسا استمالة الاتحاد السوفياتي على جانبهما. لكن هتلر عقد معه معاهدة عدم الاعتداء في 23 غشت 1939، وبدا بغزو بولونيا في فاتح شتنبر 1939، فأعلنت ابريطانيا الحرب على ألمانيا في اليوم الثالث، ثم بعدها فرنسا. وتوسعت الحرب لتصبح عالمية، واستمرت في اوربا إلى 8 ماي 1945 وإلى غشت في الشرق الأقصى.
مرت الحرب العالمي الثانية بثلاث مراحل وانتهت بانتصار الحلفاء.
1 ) المرحلة الأولى(1939 ـ 1941) :
تميزت بانتصارات سريعة لدول المحور حيث انتصرت ألمانيا في بولونيا واحتلت الدانمارك والنرويج وهاجمت هولندا وبلجيكا. واحتلت بمساعدة إيطاليا3/2 الأراضي الفرنسية، وسقطت باريس في يد النازية في يونيو 1940، مما دفع الحكومة الفرنسية برئاسة الماريشال بيتان petain إلى عقد هدنة مع ألمانيا تحتل بموجبها 4/3 التراب الفرنسي.
واستهدف الطيران الألماني ابريطانيا، لكنه أمام صمودها، اتبعت ألمانيا حرب الغواصات لعزل ابريطانيا عن مستعمراتها ومحاصرتها اقتصاديا. وفي الجنوب احتلت ألمانيا يوغسلافيا واليونان وجزيرة كريتن فأصبحت تراقب البحر البيض المتوسط وشمال إفريقيا. وفي 1941 تدخلت إيطاليا بمساعدة ألمانيا في مصر لمحاولة احتلال قناة السويس، مما أدى إلى التقارب الإنجليزي الأمريكي وتوقيع ميثاق الأطلسي في غشت 1941. وفي نفس السنة نقضت ألمانيا معاهدة عدم الاعتداء التي أبرمتها مع الاتحاد السوفياتي، فسيطرت على المناطق الغربية منه إلى حدود لينينغراد وموسكو وستالينغراد. وعملت ألمانيا على تكثيف استغلالها لثروات المناطق المحتلة، الطبيعية منها والبشرية.
2 ) المرحلة الثانية (1941 ـ 1943 ):
تميزت باتساع رقعة الحرب وتوازن القوة.
استمرت اليابان في توسعاتها بالمحيط الهادي على حساب المستعمرات الأوربية، مستغلة انشغال الدول الأوربية في مواجهة النازية. واصطدمت بالولايات المتحدة عندما دمرت قاعدة بيرل هاربور الأمريكية بجزر هاواي في دجنبر 1941. وبذلك دخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء، فتغير ميزان القوة لصالحها، خاصة وان الاتحاد السوفياتي بدأ يحقق انطلاقا من 1942 انتصاراته الأولى على النازية.
3 ) المرحلة الثالثة (1943 ـ1945 ):
تميزت بتراجع دول المحور وانهزامها.
أحرزت القوات الأمريكية انتصارات على اليابان في المحيط الهادي منذ 1943. ونزلت قوات أمريكية بشمال إفريقيا في 1942 لحماية مستعمرات الحلفاء. وتوغلت مع الجيوش الفرنسية والانجليزية في 1943 من جنوب إيطاليا انطلاقا من صقلية، وذلك بعد تمكنها من تحرير ليبيا من القوات الفاشية والنازية. وفي 1944 سيطرت قوات الحلفاء على العاصمة روما، ثم توجهت شمالا لمحاصرة ألمانيا. كما نزلت قوات أمريكية في نورماندي لتدعيم القوات الفلرنسية، فتم تحرير الأراضي الفرنسية والبلجيكية. وتوغلت قوات الحلفاء في المانيا إلى أن التقت بالقوات السوفياتية، التي حررت أراضيها وأراضي أوربا الشرقية، في برلين في ماي 1945. وبذلك انتهت الحرب في أوربا.
أما في الشرق الأقصى، فأمام صمود الجيش الياباني رغم تراجعه، ولوضع حد للحرب، أمر الرئيس الأمريكي ترومان باستعمال القنابل الذرية ضد اليابان. وأطلقت القنبلة الأولى على مدينة هيروشيما في 6 غشت 1945 والثانية على مدينة نكازاكي يوم 9 غشت من نفس السنة، مما دفع اليابان إلى الاستسلام. وبذلك انتهت الحرب العالمية الثانية.
خاتمة : قامت الحرب العالمية الثانية نتيجة لمخلفات الحرب العالمية الأولى وأزمة 1929 الاقتصادية. وخلفت خسائر بشرية ومادية هائلة. وسببت في تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبرى أثرت على العلاقات الدولية فيما بعد الحرب.